Description
السّلفيّون بيْن توجّس السّلطة الاسْتعْماريّة في بداية القرن العشرين
وسُخط التّونسيّين في مَطْلَع القرْن الحادي والعِشْرين
بقلم : أسعد جمعة
نشر الباحث الأمريكيّ في الجماعات الإسلاميّة أنْدرو ليبوفيتش وثيقة تعود إلى سنة 1928، اكتَشَفها في إطار مهمّة بحَثيّة في عاصمة السّنيغال، داكار، مكان تمركز المقيم العام الفرنسيّ الحاكم المدني لإفريقيا الغربيّة، إحدى المُسْتَعْمرات الفرنسيّة.
إنّ هذه الوثيقة الاستخباراتيّة الاستعماريّة، تتحدّث عن السّلفيّة في “شمال إفريقيا الفرنسيّ”، أي المُسْتعْمَرات الفرنسيّة آنذاك: تونس والجزائر والمغْرب.
وقد وردت الوثيقة في شكل تكليف بمهمّة اسْتخْباراتيّة من وزير المُسْتعمرات إلى الحاكم العام إفريقيا الغربيّة الفرنسيّة، المُقيم في داكار.
وقد يذْهب ظنّ قارئ هذه الوثيقة المتسرِّع إلى أنّ وجَه انْزعاج السّلطة الاسْتعِماريّة من هذه الحركة هو مشروعها الدّيني أو توجّهها الإصلاح.
والحقيقة أنّ مصدر قلق المُسْتَعْمِر لا علاقة له بأدبيّات الحركة، ومشروع دعاتها الدّينيّ.
إنّ فلك اهْتمام القائم الأوّل على المستعْمرات الفرنسيّة في حكومتها المرْكَزيّة لا يعْدو المسْتوى السّياسي. فأوّل مصْدر لانْشغاله، فإنّه يكمُن في خروج هذه الحركة -الدّينيّة في الأصل- إلى المستوى السّياسي، على عادة الدُّعاة الإسلاميّين، كما شدّد على ذلك وزير المُسْتَعْمرات الفرنسيّة.
أمّا عن السّبب الثّاني في توجّس الوزير الفرنسيّ من الفرقة السّلفيّة النّاشئة، فمَرَدّه الحظوة الجماهيريّة التي صادفتها هذه الحركة إلى درجة أنّها أضْحت تمثّل مصْدر مضايقة لوجهاء المؤسّسات الدّينيّة التّقليديّة القائمة والتي يدين لها المُسْتَعْمِر بمؤازرته وتقوية شوكته.
وفيما عدى هذه الحسابات السّياسيّة الخاصّة بالمُسْتَعْمِر الفرنْسيّ، والتي لا تعنينا في شيء، فإنّ ما تفيدنا به هذه الوثيقة التّاريخيّة الصّادرة عن المكتب الاستعماري الفرنسي والمؤرّخة في 14 نيسان/أبريل 1928، إنّما هي شهادتها بأنّ الحَرَكة السّلفية ليست ظاهرة جديدة في المجتمع التّونسي، بل أنّها تعود إلى الثّلث الأوّل من القرن السّابق.
كما أنّ هذه الوثيقة شدَّدَت على أنّ تسرُّب هذه الحركة إلى ربوعنا لم تكن عبْر القناة السُّعوديّة، والإشارة واضحة من خلال ذكْر الوزير الفرنسي لصحيفة “واد النّيل” المصريّة إلى أنّ الأيديولوجيا الإخوانيّة هي التي تقف وراء ولوج هذا التّنظيم لبلْدان المغْرب العربيّ.
بقي أن يتقفّى مؤرّخونا أثر هذه الحركة، السّياسيّة قبل أن تكون دينيّة على حدّ عبارة الوزير الفرنسيّ، من نهاية عشرينات القرن الماضي إلى حدود بداية سبعينيّاته، وتحديدًا سنة 1972، تاريخ تأسيس فرع التّنظيم الإخوانيّ في أرْضنا الطيّبة تحت اسم: حركة الاتّجاه الإسلاميّ، والإسْلام منهم براءٌ.
الوثيقة التّاريخيّة
باريس في 24 أبريل 1928
وِزَارَة المُسْتَعْمَــــــــــرات
مَصْلَحة شُؤون المُسْلِمين
من وزير المُسْتعْمرات
إلى الحاكم العامّ إفريقيا الغربيّة الفرنسيّة
داكار
طلب معلومات على «السّلفيّة» في إفريقيا الغربيّة الفرنسيّة
خلال السّنوات القليلة الماضية، كانت هناك حركة تجديد في العالم الإسلامي جديرة بأن تسْترْعي انتباهنا.
وتميل هذه الحركة الفكريّة التي تسمّى “التيّار السّلفي” إلى تنفيذ إصلاحات في النّظام الدّيني يجب أن تعيد ممارسات الطّوائف إلى نقاوة إسلام السّلف الصّالح.
وعلى الرغّم من أنّها تتطّور خارج نطاق تأثير ابن سعود وعلماء نجْدٍ، إلاّ أنّها لا تخلو من التّذكير بالمذهب الوهّابي في المملكة العربيّة السّعوديّة في عدّة وجوه منها، بل أنّهما تبلغان أحيانًا حَدّ التّماهي.
كما أنّ هذه الحركة هي في غاية النّشاط في كلّ من المغرب والجزائر وتونس.
ويبدو أنّ المشاغبين الشّيوعيين مهتمّون بها لأنّهم مهتمّون بأيّ منزع من شأنه تعْكير صفْو النّظام القائم، وتعميق الاختلافات وإحلال الفَوْضى.
ولكن حتّى لو لم يوَظَّف من قبَل عناصر أوروبية معادية لنفوذنا [في هذه المُسْتَعْمَرات]، فإنّ الحركة “السّلفيّة” لا تخلو من أن تعرض، على مستوى [إستتباب] النّظام العامّ والحفاظ على سلطتنا، مخاطر جسيمة يتعيّن علينا التّوقّي منها.
إن مجال عمل [هذه الحَرَكة]، كما هو معتاد في الإسلام وفي جميع الانقسامات الدّينيّة، سيتخطّى الضرورة المجال اللاهوتي ليتّصل بالحيّز السّياسيّ.
كما أنّ هذا الحرَكة الإصلاحيّة الدّينيّة تَتَصدّى، من جهة أخرى، إلى كلّ الشّخصيّات الدّينيّة [الإسلاميّة] التي هي من حيث الْتِزامها بالتّقاليد السّائدة وتفانيها في خدمة قضيّتنا، قد ساهمت في تبوّئنا لمكانتنا المرْموقَة الرّاهنة.
وتجدر الإشارة، فضْلا عمّا سبق، إلى أنّ هذه الحركة معادية للمذاهب والفِرق التي تحتلّ مكانة كبيرة في حياة المُسْلِمين الدّينيّة في إفريقيا الغربيّة الفرنسيّة، والتي لمِسْنا مَدى مؤازرتها لنا…
… مراقبة القراء المعتادين للصحف، مثل صحيفة “واد النّيل” [الصّادرة] في القاهرة، و”لِسان الشَّعْب” و”الوزير” من تونس، و”الشَّعْب”من قسنْطينة، و”وأولاد الشَّعْب” من الجزائر العاصمة، المُسْتقْطَبَة من قِبَل “الحَرَكة السَّلَفيّة”.
الإمْضاء: لِيُون بِيرْيْيه
Salafisme et Puissance coloniale en Afrique au début du 20ème siècle
Ainsi que l’atteste le document historique émanant du Ministère des Colonies français, et daté du 14 avril 1928, le salafisme n’est pas un phénomène nouveau pour la société tunisienne
Paris, le 24 Avril 1928
Ministère des Colonies
Service des
Affaires Musulmanes
LE MINISTRE DES COLONIES
A Monsieur le Gouverneur Général de l’AOF
DAKAR
Demande de renseignements sur les « Salafiyah » en AOF
Depuis quelques années, il se manifeste dans le monde de l’Islam un mouvement de rénovation qui parait devoir retenir notre attention.
Ce mouvement intellectuel, qualifié de mouvement « Salafi », tend à réaliser, dans l’ordre religieux, des réformes qui doivent ramener les pratiques cultuelles à la pureté de l’Islam primitif.
Bien qu’il se développe en dehors de l’influence d’IBN SEOUD et des Ulémas du Nedjd, il n’est pas sans rappeler, sur divers points le wahabisme d’Arabie et a été, quelquefois, confondu avec lui.
Il est déjà très agissant au Maroc, en Algérie et en Tunisie.
Il semble que les agitateurs communistes s’y intéressent comme ils s’intéressent à tout ce qui peut troubler l’ordre établi, exalter les particularismes et réaliser de la confusion.
Mais même s’il n’est pas utilisé par des éléments européens hostiles à notre influence, le mouvement « salafi » n’est pas sans présenter, au point de vue de l’ordre public et du maintien de notre autorité, des dangers sérieux contre lesquels il convient de se prémunir. Son action, ainsi qu’il est de règle dans l’Islam et dans tous les schismes religieux, sortira nécessairement du domaine théologique pour devenir politique.
D’autre part, cette réforme religieuse s’attaque, en fait, à toutes les personnalités religieuses à qui leur attachement à la tradition régnante et aussi leur dévouement à notre cause, ont permis d’occuper une situation de premier plan.
Elle est également hostile aux congrégations qui ont une si grande place dans la vie religieuse des Musulmans de l’AOF et dont nous avons pu apprécier le concours…
… surveiller les lecteurs habituels de journaux qui, tels que le « Wadinnil » du Caire, le « Lissan esh-Chaab » et « El Ouazir » de Tunis, « Ech Chiyeb » de Constantine et « Ouled ech-chab » d’Alger, sont gagnés au mouvement « salafi ».
Signé : [Léon] Perrier
Feuille « Une » recto du document historique
Feuille « Une » verso du document historique
Reviews
There are no reviews yet.