Description
عندما تُوَظَّف منابرنا العلميّة -ذات الماضي المجيد- لتبْييض رُموز التّنْظيم الإخْواني السّلَفي التّكْفيري الجِهادي – تَقْريظ أبي يعْرب المرْزوقي لحَسن حنفي باعْتباره مُجدِّدًا لعلْم الكلام ومُحقّقًا للمُصالحة بين الفلْسفة وعلْم الكلام
بقلم أسعد جمعة
بعْد أن طلع علينا الدّكتور أبو يعْرب المرْزوقي في مناسبة سابقة معْلنًا أنّ ابن تيميّة –الفيلسوف المجدّد على حذّ زعمه- هو أستاذ الفيلسوف باروخ سبينوزا، باعْتبار أنّ شيخ الإسلام هو المصْدر الأصليّ لنظريّة علاقة الفلسفة بالدّين المودَعة في رسالة الفيلسوف الهولنديّ “في اللاهوت والسياسة”. والأمر خليق بالمُلاحظة، بل بالتّندّر، لفرط تكْفير ابن تيميّة فضلاً عن الفلاسفة، القائمين على سائر العلوم البشريّة: “الدّخيلة على العالم الإسلاميّ” في المقام الأوّل: الكيمياء، علم الجبر، علم المنْطق… ولكنّ العلوم الإسلاميّة أيضًا: علم الكلام المعتزليّ، غُلاة الشّيعة، التّصوّف الفلسفي… إذ أنّ منزعه التّكفيريّ قد طال أجلّ علماء ومفكّري الإسلام أمثال: الكندي، وابن سينا، والفارابي، واليعقوبي، والرّازي (أبو بكر)، والجاحظ، وابن الهيثم، والإدريسي، وجابر بن حيّان، ونصير الدّين الطّوسي، وصدْر الدّين القونويّ، وابن عربي، وابن الفارض، وابن سبعين، والسَّهرورْدي، والحلاّج….
ها أنّنا نفاجأ بنموذج آخر عن سعي بعض “فقهاء البلاط” لتبْييض رموز تنظيم الإخوان: تقديم أبي يعرب المرزوقي في “محاضرته” الأخيرة (بمناسبة انْعقاد ندْوة فكرية حول “دراسة مقارنة بين علم الكلام القديم وعلم الكلام الجديد” المنْعقدة في بيْت الحكمة بتونس في 27 نوفمبر 2019)، لحسن حنفي -المسوِّق لردّة ابن تيميّة السّلفيّة التّكفيريّة على أنّها مكْتنزة للحْظة فلسفيّة فارقة. والرّجل هو –بالمناسبة- قدوة الاستاذ المرزوقي في هذه الشّناعة. وصاحب كتاب “مقدّمة في الاسْتغْراب” ذي المنْزع الأصولي، حيث يدْعو فيه صاحبه الى العوْدة الى “المركز الإسلامي” حتّى نطهّره من شرور الغرب وأفكاره”، بما يسْتتبع هذه الرّؤى من منزْع تكفيريّ جهاديّ قائم على ثنائيّة دار الإسلام/دار الحَرْب على أنّ هذا البوق الإخواني هو من أهمّ روّاد اليسار الهيجلي في العالم الإسلامي وأبرز تلاميذ الفيلسوف الألماني فويرباخ في المدرسة الفلسفيّة المعاصرة.
والأرجح ان يكون الأمر قد الْتبس على الدّكتور أبي يعرب، بفعْل سعْيه المحْموم لنزْع شبْهة الاْنتماء التي ظلّت لصيقة بالأستاذ حنفي، إلى درجة أنّه خلط بين فخْتَه (الذي أفرد له د حنفي دراسة وفويرباخ الذي لا نجد له صدى يذكر عند مريد محمّد مهدي عاكف -مرشد تنظيم الاخوان بإمارة مصر.
والحقيقة أنّ الأستاذ حنفي أقرب إلى الأدبيّات الإخوانيّة منه للمدارس الفلسفيّة، سواء أ كانت هيقيليّة أم ماركسيّة، حتّى نصْف منزعه باليساريّ الإسلاميّ، ففي كتابه “الأفغانى” الصّادر بمصر في سنة 1999، ها هو يقرّظ أحد روّاد الأصوليّة في العصر الحديث: جمال الدّين الأفغاني: بقوله: “هو رائد الحركة الإصلاحيّة، وباعث النّهضة الإسلاميّة، وأوّل مَن صاغ المشروع الإسلامى الحديث، الإسلام في مواجهة الاستعمار في الخارج والقهْر في الداخل” (المرجع المذكور، ص 11)… فهل من إعلان بيْعة لأحد أبرز منظّري تنظيم الإخوان أوْضح من هذا التّمجيد للمنزع السّلفي التّكفيريّ الجهاديّ؟!
ولولا انتساب الأستاذ المرزوقى -على جهة ما- للفلسفة الإسْلاميّة لَمَا أقْدَمْنا على الخَوْض في مثل هذه المسائل التي تُعَدّ من أوّليّات مزاولي هذا الشّأن، وإنّما أفردنا هذا القول لمسلَّمات هي ألْيق بكشاكيل المبتدئين، تثمينًا للتّنبيه الرّشديّ، إذ يقول فيلسوف قرطبة: “إنّ الإذاية من الصّديق هي أشدّ من الإذاية من العدوّ” (راجع كتاب فصل المقال وتقرير ما بين الحكمة والشّريعة من الاتّصال، ص 53 من طبعتنا).
Reviews
There are no reviews yet.