Description
في إحْدى الاسْتِدلالات المُغالطيّة الأكُثَر ورودًا في مصحف عثمان: شكل المُصادرة على المطلوب الثّاني، أي الحجج الدّائريّة (Petitio principii)
لعلّه قد أضحى من نافلة القول بأنّ الاستدْلالات المغالطيّة الأكْثر ورودًا في مصحف عثمان والمنتجة لمُعْظم التّصديق الجمهوريّ تلك التي رتّبها المناطقة صمْن صنْف: المصادَرَة على المطلوب. ومكمن السُّقم في مثل هذه الاسْتِدْلالات أنّها قائمة على التّسليم بالمسألة المطلوب البرهنة عليها من أجل البرهنة عليها، وذلك بأن يَفترض واضعها صحّة القضيّة التي يروم البرهنة عليها، فيضعها بشكل مُعْلَن أو مُضْمَر في احدى مقدّمات الاستدلال. فإذا كان ذلك كذلك، وُضعَت النتيجة مكان المقدّمة واعْتُبِرَت المشكلة بمثابة الحلّ ونُزِّلتْ الدّعوى منزلة الدّليل.
ولكنّ هذا القول على صحّته وانتشاره في بحوث المهتمّين بهذا الشّأن في حاجة إلى مزيد التّدقيق. فواقع الأمْر أنّ الخطأ قد تسرّب إلى هذه الأقاويل على جهة أخْذها شكْل الاستدْلال الدّائري، ومؤدّاه أن ينزّل الأمر الأوّلي منزِلة الشيّء المُفْتَرَض. وموطن الوَهْم أن تخَيّل الافتراضات المطروحة في القوْل على أنّها حجّة على صدْقه، وهو ما يسمّيه المناطقة: “المُصَادَرَة على السُّؤال”. ومؤدّى هذا القَوْل المغالطي أن يحصل التّصْديق بما هو مجرّد افتراض بصياغته خطابيًّا على أنّه حجّة. مثال ذلك أن يُقال: “مصحف عثمان صحيح لأنّه ورد في المصحف الذين بين أيدينا اليوم قول مفاده أنّه حقيقيّ” (انظر الآية الثّانية من سورة البقرة مثلاً). ويمكن للمبتدئين من بين مزاولي هذه الصّناعة (المنطق) التّعرّف على هذا الرّهط من الأقاويل المغالطيّة بمجرّد وقوفهم على تضمّن النّتيجة لأحد الافتراضات الواردَة في الحجّة.
وتكمن الغاية من هذا ابحْث في تنزيل قواعد الاسْتدلال الدّائريّ العامّة على مصحف عثمان، وذلك بإحصاء النّصوص الواردة فيه من قبل هذا الباب، وتبويبها وفق مختلف أصناف هذا الضّرب من الأقاويل المغالطيّة، وترتيبها زمانيًّا ومكانيًّا، ورصد كيفيّة تعامل المفسّرين معها، وطرق تسويقهم لحقائقها المُفْتَرَضة… وإنّما قصدنا من ذلك وضع مصحف عثمان على محكّ العقْل.
Reviews
There are no reviews yet.